أشرف فخامة رئيس الجمهورية، رئيس الاتحاد الأفريقي، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، اليوم الثلاثاء بالمركز الدولي للمؤتمرات “المرابطون” بنواكشوط، على افتتاح أعمال المؤتمر القاري حول التعليم والشباب والتأهيل للتشغيل، بحضور فخامة السيد عبد المجيد تبون رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، وفخامة السيد باسيرو ديوماي فاي رئيس جمهورية السنغال، وفخامة السيد ابول كاغامي، رئيس جمهورية رواندا.
ويشارك في المؤتمر، المنظم تحت شعار “إفريقيا متعلمة مؤهلة للقرن الحادي والعشرين”، أكثر من 30 وزيرا من مختلف الدول الإفريقية، ورئيس مفوضية الاتحاد الافريقي، ونائب المدير التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونسيف”، وخبراء وباحثين في مجال التعليم، إضافة إلى ممثلي المنظمات الدولية وغير الحكومية المختصة.
وفي كلمة افتتح بها أعمال المؤتمر، قال رئيس الجمهورية، رئيس الاتحاد الإفريقي، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، إن الحضور المتميز للمؤتمر يؤكد حرص القارة الافريقية، دولا واتحادا، على إحداث تحول نوعي في المنظومات التعليمية، يجعلها من حيث الشمول والمرونة والجودة أقوى في التمكين لشبابنا ونسائنا، وأكثر ملاءمة لمتطلبات التنمية وتغيرات العصر المتلاحقة.
وأكد أن التعليم هو المحور الأساس في بناء الأفراد والمجتمعات، فبه تكتسب المعارف والمهارات وتتهيأ شروط التطور والنماء للدول والشعوب، ولذا قررنا جميعا في الاتحاد الافريقي جعل هذه السنة سنة للتعليم.
وأوضح فخامة رئيس الجمهورية رئيس الاتحاد الافريقي، أن ما تعانيه القارة الإفريقية من صعوبات جمة في رفع التحديات الجسيمة التي تواجهها اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا وبيئيا مرده في جزء معتبر منه إلى عجزها عن بناء أنظمة تعليمية تضمن الشمول والجودة بنحو يرفع فعاليتها في إكساب المعارف والمهارات والتمكين لشبابها من حيث التكوين والتشغيل، تحريرا لطاقته الإبداعية وليكون بحق قاطرة التنمية والإزدهار.
وأكد أن هذا المؤتمر القاري يتيح فرصة لتبادل رأي أهل الإختصاص والخبرة حول أهم التحديات التي تواجه منظومتنا التعليمية، من حيث المناهج والتكوين، والقضاء على التفاوت والفوارق في النفاذ، وكذلك من حيث التمويل والشمول.
من جهته، أعرب فخامة السيد عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، عن بالغ السرور والارتياح بوجوده في الجمهورية الإسلامية الـموريتانية الشقيقة، وعن عميق امتنانه لأخيه فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني على الدعوة الكريمة للمشاركة في أشغال هذا الـمؤتمر حول التعليم والشباب وقابلية التوظيف، مبرزا أن هذا الموضوع في منتهى الأهمية ويعد من الأولويات والتحديات القارية التي يتوجب وضعها على رأس انشغالات القارة.
كما توجه بالشكر إلى مفوضية الاتحاد الإفريقي على الجهود المبذولة لتنفيذ خارطة الطريق لموضوع عام 2024 الخاص بالتعليم من أجل بناء أنظمة تعليمية متكيفة مع العصر.
وأشار إلى أن التعليم في القارة يعرف واقعا صعبا من أبرز مظاهره ارتفاع عدد الأطفال خارج المدارس وانخفاض الحصول على تعليم ملائم، ونقص الموارد لتكوين المؤطرين.
واستعرض الرئيس الجزائري تجربة بلاده في مجال التعليم، حيث يكفل الدستور الجزائري إلزامية التعليم ومجانيته، مؤكدا أنه رغم التحديات الوطنية في مجال التعليم، حرصت الجزائر في استراتيجيتها الموجهة لترقية التعليم والتكوين على إدماج الوسائل التكنولوجية الحديثة في الأطوار القاعدية من التعليم، وإنشاء مدارس وطنية عليا متخصصة في الرياضيات والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا النانو.
وقال إن بلاده لن تدخر جهدا للمساهمة في النهوض بمجالات التربية والتعليم والتكوين في إفريقيا، حيث تستقبل الطلاب من مختلف الدول الإفريقية في الجامعات ومعاهد التكوين والتدريب.
من جانبه، أكد فخامة السيد باسيرو ديوماي فاي رئيس جمهورية السنغال، على الأهمية الكبيرة للتعليم والشباب في تنمية القارة.
وأشاد بقيادة فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، رئيس الاتحاد الافريقي، وجهود الاتحاد، مؤكدا أن التعليم والتكوين والاندماج الاقتصادي للشباب، الذين يمثلون 60% من سكان إفريقيا، هي أولويات مطلقة من أجل بناء إفريقيا قوية ومزدهرة.
وشدد الرئيس السنغالي على ضرورة تعبئة الموارد من أجل تعليم شامل وجيد، مع التركيز بشكل خاص على إدخال التقنيات الرقمية والتكوين بما يتلاءم مع حاجيات السوق وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص وخلق منظومات بيئية مواتية للتشغيل.
كما أشار إلى المبادرات السنغالية لصالح التوظيف، لا سيما دعم الشركات الناشئة وتطوير الأقطاب الصناعية وتشجيع القطاعات الرقمية والخضراء.
وأشار إلى التحديات المستمرة في هذا المجال، خاصة ما يتعلق بملاءمة المهارات التي يتم تدريسها مع احتياجات السوق والحد من الفوارق بين المناطق الحضرية والريفية.
واختتم الرئيس السنغالي كلمته بالدعوة إلى تعزيز التعاون لبناء قارة يستطيع فيها كل شاب أن يساهم في التنمية المستدامة في أفريقيا.
بدوره أثنى فخامة السيد ابول كاغامي، رئيس جمهورية رواندا، على الروح القيادية التي تحلى بها فخامة رئيس الجمهورية كرئيس للاتحاد الأفريقي.
وأضاف أنه في غضون عشر سنوات سيشكل الشباب الأفريقي أغلبية اليد العاملة في العالم، وهي فرصة ينبغي عدم تضييعها لأن هذا الجيل سيكون المحرك القوي للنمو، ليس فقط في إفريقيا وإنما في بقية العالم.
وأكد أن العلوم والتكنولوجيا سيوفران في السنوات المقبلة مزيدا من الفرص للابتكار يتعين تحضير الشباب لها، وأن حجر الزاوية في ذلك هو الاستثمار في بناء منظومات تعليمية قوية.
واعتبر أن الأثر الاقتصادي لتمكين كل طفل إفريقي من حقه في التعليم سيكون كبيرا حيث أن التعليم يغير مسار الحياة.
واقترح الرئيس الرواندي حلين لسد هذه الفجوة، يتمثل أولهما في تحمل الأفارقة مسؤولياتهم في تحسين تسييرهم لمواردهم.
كما اعتبر أن طريق الإنفاق في التعليم مهمة هي الأخرى، ولذا يجب أن ينصب التركيز على الجودة من أجل نتائج على المدشى البعيد، وهو ما يعني تكوين واكتتاب مدرسين مؤهلين بشكل أفضل وتحديث المناهج وتشجيع التفكير النقدي بدل الحفظ.
ويتمثل الحل الثاني، وفق الرئيس الرواندي، في توحيد المؤسسات متعددة الأطراف لجهودها مع الحكومات الوطنية وأن تزيد تمويلاتها، معتبرا أن ذلك سيدفع عجلة الإنتاج في القارة.
وقال إن مخاطرة الشباب الإفريقي بحياته من أجل ظروف أفضل يعتبر مؤشرا على ضرورة القيام بمزيد من العمل حتى يكون لكل إفريقي مستقبل في هذه القارة.
وأوضحت معالي وزيرة التربية وإصلاح النظام التعليمي، السيدة هدى باباه، أن هذا المؤتمر يضع على بساط البحث والنقاش ملفا يتصدر ملفات القارة ويشكل أساسا وتقدما وتنمية من أجل إفريقيا متعلمة ومؤهلة.
وقالت معالي الوزيرة، إن القارة الإفريقية بقادتها وشعوبها الشابة ومقدراتها الواعدة قادرة على كسب الرهان وتحقيق كل الأهداف وتحويل تحدياتها إلى إنجازات واعدة.
وبينت أن احتضان موريتانيا لهذا المؤتمر يترجم بصدق رؤية وتوجه فخامة رئيس الجمهورية، رئيس الاتحاد الافريقي، لجعل التعليم أولى الأولويات.
أما رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي السيد موسى فكي همت، فقد أعرب في كلمته عن شكره للحكومة والشعب الموريتانيين على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، وتوفير الظروف الممتازة لتنظيم هذا الحدث القاري في بلاد شنقيط، أرض المنارة العلمية والثقافية.
وأضاف أنه لاغرو أن تكتنف العاصمة الموريتانية حدثا يدفع إلى السمو بالعلوم والتعليم والتكوين، التي هي مفاتيح بناء العقل والتقدم والتجدد الحضاري المفضي إلى الرخاء والانعتاق من براثين البؤس الفكري.
من جهته، دعا السيد إيدوار تيد شيبا، نائب المدير التنفيذي للأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”، إلى جعل التعليم الأساسي أولوية قصوى وتوسيع نطاق التعلم الرقمي حتى يتمكن المزيد من الأطفال والشباب من الاستفادة من التكنولوجيا للوصول إلى تعليم شامل وعالي الجودة.
وأكد على ضرورة الاستثمار في المعلمين، باعتبارهم قلب النظام التعليمي النابض، فعندما يكون هناك عدد كافٍ من المعلمين المؤهلين والمدعومين والمحفزين، يتعلم الأطفال بشكل أفضل.
ويهدف المؤتمر، الذي تنظمه بلادنا، ممثلة في وزارة التربية وإصلاح النظام التعليمي، بالشراكة مع مفوضية الاتحاد الأفريقي، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونسيف”، إلى تقدير مستوى تنفيذ الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي للالتزامات والقرارات التي تم اتخاذها لتطوير التعليم في أفريقيا، وعرض النماذج الناجحة والحلول المبتكرة والمستدامة والتحول التعليمي من جميع أنحاء القارة لتلبية متطلبات القرن الحادي والعشرين.
كما يهدف المؤتمر إلى تعزيز الشراكات والتعاون لتعميق تبادل المعرفة بين صانعي السياسات والباحثين والمعلمين وأصحاب المصلحة في المجتمع المدني، واستكشاف آلية التمويل المستدام للتعليم من خلال تعزيز الموارد المحلية وغيرها من الآليات المبتكرة لتحويل نظم التعليم.
وسيتناول المؤتمر، على مدى ثلاثة أيام، المجالات الرئيسة التي ستساهم في الحد من تسرب الأطفال من المدارس وتحسين التعلم، كإصلاح المناهج الدراسية والتعلم القائم على الكفاءة، وتطوير المعلمين والدعم المهني، وتقييم نتائج التعلم المستجيب لاحتياجات القارة، بالإضافة إلى محو الأمية في مجال الاستدامة البيئية وتغير المناخ ودمج المعرفة المحلية والمنظورات الثقافية في المناهج الدراسية.
وسيناقش المؤتمر ضمن محاوره، كيفية الاستفادة من التقنيات الرقمية في التعليم، وقضايا “التعليم الشامل والمساواة”، و”تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ومهارات القرن الحادي والعشرين”، و”التعليم المهني والتقني”، و”التمويل والحوكمة للتحول التعليمي”.
وجرت فعاليات المؤتمر بحضور معالي الوزير الأول السيد المختار ولد أجاي، وأصحاب المعالي الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية، ورئيس المجلس الدستوري، وزعيم مؤسسة المعارضة الديمقراطية، والوزير المكلف بديوان رئيس الجمهورية، والوزيرين المستشارين برئاسة الجمهورية وعدد من أعضاء الحكومة، وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية ووالي نواكشوط الغربية ونائب رئيسة جهة نواكشوط وعمدة بلدية تفرغ زينه، وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد لدى بلادنا.