أكد معالي وزير الشؤون الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج السيد محمد سالم ولد مرزوك التزام موريتانيا بالانفتاح على كافة الشراكات وشتى أنواع التعاون على مختلف المستويات البينية والإقليمية والدولية التي من شأنها الإسهام في تكريس الأمن والسلم في القارة الإفريقية والعالم عموما لتحقيق تنمية شاملة ومتوازنة تخدم الجميع.
وطالب معالي الوزير، في خطاب ألقاه باسم فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في القمة الثامنة لمؤتمر طوكيو الدولي حول التنمية في إفريقيا “تيكاد” الذي تتواصل أعماله لليوم للثاني على التوالي في تونس، كافة الشركاء من الدول المانحة ومنظمات إقليمية ودولية وقطاع خاص إلى تنويع وتعميق الشراكة مع دول الساحل خاصة والقارة الإفريقية عموما دعما لتحقيق الأمن والتغلب على معوقات إرساء دعائم تنمية شاملة.
وفيما يلي نص الخطاب:
“بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله
فخامة الرئيس قيس اسعيد رئيس الجمهورية التونسية الشقيقة
فخامة الرئيس ماكي صال رئيس جمهورية السنغال الشقيقة، رئيس الاتحاد الافريقي
معالي السيد يوشيماسا هاياشي وزير خارجية اليابان
السادة رؤساء الوفود المشاركة
معالي رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي
أيها السادة والسيدات
اسمحوا لي في البداية أن أعبر عن سروري بحضور الدورة الثامنة لمؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في إفريقيا TICAD بتكليف من فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي حالت ظروف طارئة دون تمكنه من المشاركة في هذا الحدث الهام.
ويطيب لي هنا أن أعبر، باسم فخامة رئيس الجمهورية، عن التقدير الكبير للحكومة التونسية وشعبها الشقيق على استضافة هذه الدورة وما بذلته من جهود لضمان حسن ودقة تنظيمها، شاكرا لها ما أحاطتنا به من حسن الاستقبال وكرم الضيافة.
وأود كذلك أن أسدي باسم فخامته خالص الشكر للحكومة اليابانية على إطلاق هذا المنتدى الدولي الذي ما فتئ يرسخ، دورة بعد أخرى، موقعه الريادي كإطار للتشاور السياسي رفيع المستوى بين القارة الإفريقية ومختلف شركائها حول كبريات القضايا التنموية الإفريقية؛ ولقد أصبح هذا المنتدى، منصة لدمج أولويات القارة في أجندة التعاون الدولي، ولجلب الاستثمارات والإسهام في وضع أسس تنمية إفريقية شاملة ومستدامة طبقا لأهداف أجندة 2063.
ولا يسعني في هذا المقام إلا أن أشيد بمتانة وثراء وتنوع العلاقات الموريتانية اليابانية، وبالدور الكبير الذي تلعبه اليابان في مواكبة مساعي القارة الإفريقية لتحقيق التنمية والرفاه الاجتماعي ورفع قدرة مجتمعاتها على الصمود، ترسيخا للأمن والاستقرار والسلام المستدام.
أيها السادة والسيدات
إن الظرفية الدولية الخاصة التي ينعقد فيها هذا المؤتمر دقيقة وبالغة الخطورة، يطبعها توسع مخيف في بؤر التوتر والنزاعات المسلحة والاضطرابات الاجتماعية وانتشار متنام للتطرف والإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود وما يصاحب ذلك من ويلات ومآس إنسانية، علاوة على مخاطر الاحتباس الحراري والتغير المناخي وما ينجم عنهما من كوارث طبيعية وموجات قحط وجفاف، وعلى التداعيات السلبية لجائحة كوفيد 19.
وقد بدأنا نلمس الانعكاسات السلبية لهذا الوضع متجلية في إرباك سلاسل الإمداد والتموين والارتفاع المذهل لأسعار الطاقة والمواد الغذائية وتفاقم التضخم والركود الاقتصاديين، وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين.
وتعد قارتنا الإفريقية، كما تعلمون، من أكثر مناطق العالم تضررا بهذه الانعكاسات ومن أكثرها تأذيا بالعنف والإرهاب والاضطرابات الاجتماعية التي تعيق التنمية وتهدد كيانات الدول، وتغذي وتضاعف بطبيعة الحال عوامل زعزعة الأمن والاستقرار.
أيها السادة والسيدات
يعتبر إسكات صوت السلاح وتحقيق الأمن والسلام أحد الأهداف المحورية لأجندة 2063. لهذا الغرض يعمل الاتحاد الإفريقي على بناء أمن قاري جماعي من خلال تطوير الهيكل الإفريقي للأمن والسلام، في إطار استراتيجية شاملة تراعي الأبعاد الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية نظرا لما لها من أهمية في إنجاح السياسات الهادفة إلى رفع التحديات الأمنية بجمع أشكالها.
وفي هذا السياق، يتنزل إنشاء مجموعة دول الساحل الخمس التي تمثل على الرغم مما تواجهه اليوم من مشاكل، إطارا فعالا لمواجهة العنف والإرهاب في الفضاء الساحلي.
أيها السادة والسيدات
إننا في الجمهورية الإسلامية الموريتانية نؤسس مقاربتنا الأمنية على المعالجة الشمولية المتكاملة لكافة الأبعاد الآنفة الذكر، ونحرص، بوجه خاص، على تعزيز اللحمة الاجتماعية ومكافحة الفقر والغبن والهشاشة والإقصاء. كما نعمل بجد على ترقية روح التسامح والانفتاح وقبول الآخر ، وعلى تصحيح الانحرافات الفكرية والعقائدية.
فالأمن لم يعد اليوم منحصرا في الدفاع عن الحوزة الترابية، بل أصبح يمتد ليشمل صون اللحمة الاجتماعية وأمن الأفراد والمجموعات في وجه التطرف والإرهاب وروافدهما الأساسية المتمثلة في الفقر والهشاشة وسوء الحكامة، وغير ذلك من الظواهر والأسباب التي تعصف بالأمن الجماعي.
كما أنه لم يعد، بحكم عمق الترابط والتأثير المتبادل بين مختلف الدول، بإمكان أية دولة أن تدير أمنها بمعزل عن الدول الأخرى؛ فلن يتحقق السلام الدائم إلا في ظل الأمن للجميع.
واسمحوا لي أن أغتنم فرصة هذه النسخة من مؤتمر طوكيو الدولي في إفريقيا لأدعو كافة الشركاء من الدول المانحة ومن منظمات إقليمية ودولية وقطاع خاص إلى تنويع وتعميق الشراكة مع دول الساحل خاصة والقارة الإفريقية عموما دعما لجهودنا في تحقيق الأمن والتغلب على معوقات إرساء دعائم تنمية شاملة ومتوازنة باعتبارها شرطا لتحقيق الأمن والسلام الدائمين.
أيها السادة والسيدات،
إن نجاحنا في تكثيف وتوطيد التعاون في المجالات الحيوية التي ألمحنا إليها هنا، هو الضمان الأوحد ليتحقق ويتعزز السلام الدائم، والأمن المستدام الذي جعلناه شعارا لدورتنا هذه.
ومن هذا المنطلق، أجدد امامكم التزام الجمهورية الإسلامية الموريتانية بالانفتاح على سائر الشراكات و وشتى أنواع التعاون على مختلف المستويات البينية والإقليمية والدولية التي من شأنها الإسهام في تكريس الأمن والسلم في القارة الإفريقية والعالم عموما لتحقيق تنمية شاملة ومتوازنة تخدم لجميع.
وأشكركم والسلام عليكم ورحم الله تعالى وبركاته”.