دعت منظمة "كوميتي فور جستس" المصرية الحقوقية إلى إجراء تحقيق دولي في ملابسات وفاة الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، وكشف مديرها التنفيذي عن بعض تفاصيل الدقائق الأخيرة في حياة مرسي.
وقال المدير التنفيذي للمنظمة أحمد مفرح المقيم في جنيف للجزيرة نت "نشكك في بيان النيابة العامة حول وفاة الدكتور محمد مرسي، لأن النيابة العامة طرف أساسي في عدم تمكينه من العلاج داخل السجن، وبالتالي ليست طرفا محايدا فيما يتعلق بملابسات وفاته".
ودعت المنظمة المقرر الخاص المعني بالقتل خارج إطار القانون لدى الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق في ظروف وملابسات وفاة مرسي وما يتصل بها من أوضاع احتجازه هو والمئات غيره داخل السجون المصرية.
وقال مفرح إن "الظرف الزمني والسياسي والإقليمي يجعلنا نشك في شبهه ارتكاب السلطات الأمنية في مصر جريمة قتل متعمدة للدكتور مرسي"، وطالب النيابة العامة المصرية بإيقاف أي خطوات متعلقة بتشريح جثمان مرسي دون إذن من ذويه ودون حضور ممثليه القانونيين.
وقال الحقوقي المصري للجزيرة نت إن لديه معلومات تشير إلى أن جثمان مرسي موجود في مستشفى سجن طرة وسط حالة استنفار أمني شديد في محيط السجن وداخله.
جلسة المحاكمة
ووفقا لمعلوماته، فقد شهد معهد أمناء الشرطة -حيث عقدت جلسة محاكمة مرسي- تشديدا أمنيا صارما قبيل الجلسة على غير عادته في هذه الأيام.
وتحدث مفرح عن "حضور مساعدي وزير الداخلية وعدد كبير من ضباط الأمن الوطني المنتشرين في كافة أرجاء القاعات والطرقات المؤدية إليها. كما تم تفتيش جميع المحامين تفتيشا ذاتيا دقيقا ومنعهم من اصطحاب هواتفهم المحمولة وأي أدوات إلكترونية كان يسمح بها قبل ذلك".
وأضاف أن جلسة المحاكمة التي توفي فيها مرسي انعقدت في الساعة 12:30 ظهرا بالتوقيت المحلي برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، وعضوية المستشارين عصام أبو العلا وحسن السايس، وترافع المحامي كامل مندور عن مرسي وأثبت دفوعه.
وأوضح أن مرسي طلب من المحكمة أن يتحدث وسمحت له بذلك، وقال إنه تم منع العلاج عنه وإنه يتعرض للموت المتعمد من قبل السلطات المصرية، وإن حالته تتدهور، وإنه تعرض للإغماء خلال الأسبوع الماضي أكثر من مرة، من دون علاج أو إسعاف.
ووفقا للمصدر نفسه، فقد طلب مرسي من المحكمة السماح بمقابلة دفاعه لأنه يريد أن ينقل "أمانة" إلى الشعب المصري، ويتواصل مع دفاعه حول أمور مهمة وخطيرة، فأغلقت المحكمة الصوت عنه ومنعته من مواصلة الحديث.
إغماء لنصف ساعة
وأشار مفرح إلى أن مرسي تعرض للإغماء داخل القفص ومكث مغشيا عليه قرابة ثلاثين دقيقة دون أن يتم إسعافه. وأضاف أن المتهمين الآخرين في القضية نفسها الموجودين في قفص آخر، هاجوا وصاحوا لأجل إسعافه.
ووفقا لما نشرته صفحة منظمة "كوميتي فور جستس"، فقد أكد مفرح أن الرئيس المعزول تعرض قبل وفاته للعديد من إجراءات القتل البطيء عبر سياسات الإهمال الطبي.
وقال "منذ لحظة تحديد إقامته بمقر الحرس الجمهوري في 3 يوليو (تموز) 2013 وهو يعاني إجراءات انتقامية، وتم إخفاؤه قسريا لمدة أربعة أشهر بمعزل عن أسرته، بعد نقله من مقر الحرس الجمهوري في 5 يوليو وحتى ظهر في المحاكمة الأولى بأكاديمية الشرطة في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) من العام نفسه".
وأضاف "لكنه لم يتمكن من التواصل مع محاميه أو مع القاضي بسبب وضعه في قفص زجاجي حاجب للصوت أثناء المحاكمة، ولم يتم تمكينه من الحقوق القانونية للمتهم أثناء المحاكمة".
وأشار الحقوقي المصري إلى أن مرسي كان رهن الحبس الانفرادي لمدة ثلاث سنوات في سجن المزرعة بمنطقة سجون طرة في القاهرة دون إبداء أسباب.
وتابع أن "مرسي يعاني من مرض السكري المزمن الذي أدى نتيجة ظروف الاحتجاز السيئة والحرمان من العلاج إلى مضاعفات خطيرة، بينها الضعف الشديد في الإبصار بالعين اليسرى، وبثور في الفم والأسنان، فضلا عن تكرار تعرضه لغيبوبة نقص السكر في الدم. هذا بالإضافة إلى إصابته بالتهابات روماتيزمية حادة في العمود الفقري وفقرات الرقبة نتيجة إجباره على النوم على الأرض".
كما تحدث مفرح عن شكوك في إصابة مرسي بأمراض مزمنة في الكبد والكلى نتيجة سوء التغذية وحرمانه من دخول الطعام المناسب لظروفه الصحية ومتطلبات سنه، فضلا عن رفض تزويده بالملابس أو أدوات النظافة الشخصية وكذا الكتب والصحف.
وأوضح أن مرسي تقدم بطلب إلى المحكمة للعلاج يوم 8 أغسطس/آب 2015، ورغم تصريحات المحكمة بانتداب طبيب متخصص في مرض السكري، فإن الطبيب لم يحضر حتى اليوم.
واتهم مفرح وزارة الداخلية المصرية بممارسة انتهاكات ممنهجة قائلا "لدينا معلومات توضح أن قطاع السجون لديه تعليمات من وزير الداخلية اللواء محمود توفيق -الذي كان يقود جهاز الأمن الوطني قبل شغله المنصب الحالي- بعدم الاستجابة نهائيا لمطالب أي من قيادات جماعة الإخوان المسلمين -الذين يعانون من أمراض مزمنة وخطيرة- بالعلاج داخل مستشفى السجن أو على نفقتهم الخاصة في مستشفيات خارجه، علاوة على منع إدخال الأدوية لهم من خلال ذويهم".
ولم يتسن الحصول على رد فوري من النيابة العامة أو وزارة الداخلية، إلا أنهما عادة تدافعان عن إجراءات السلطات في تلك الحالات وتؤكدان الالتزام بمقتضيات القانون وحقوق الإنسان.
المصدر : الجزيرة